حذر وامتشاق لآلة ما .. قراءة في قصيدة الشاعرة حميدة العسكري (معطف جنون قدريٌّ)
((كن من شئت ...
انت تيه ..
فيه أتيه ،
تيه ينهمر منه لظى ،في سافيات ريح ))
*رغم انتمائي للاسرة الادبية والثقافية وصعلاقة الصداقة الوطيدة مع الاسرة الفنية الا انني احيانا اجد نفسي في المربع الاول واتيه في تيه أجهلهُ مصدرا ومضمونا .. ما هذا الانتماء يا حميدة العسكري ؟ انك تخطين حيرتك الطاغية بطريقة النقش على الصخور فتنتجين ازهارا براقة رقيقةً كرقةِ السواد في ليلةٍ مقمرة .. سافيات الريح هذه ارادت بها الشاعرة ان تؤرخ لحدث غرامي الارجح انه كان مع الذات , ذات المرأة المتيمة وان بدى فيه شيء من الغضب الداخلي الذي اخفته في مطلع هذه القصيدة الجميلة جدا لكنها اعلنته في هنا :
((ومدٌّ ابدا لن يستريح
رحم خصب بأمنيتك
لمعطف جنون ،
أردية ردى وهوى ، سائح
لُفَّني تحت جنحك لهفةً تهفو ،
تتسامق بهجير انتماء ، انت الريح))
• لاجزر هنا فتكتمل الصورة , اصبحتُ كمن يدور في مكانه ابحث عن ثغرةٍ ادخل منها لما يجول في خاطر هذه {الانثى الشاعرة} الارحام خصبة وخصوبتها تأتي بعد مد غاضب ما عرف الراحة ولا استقر غير ان العسكري القت عليه معطفها المثقل بالحيرة فاثقلت كاهله فهادن وبيّن انه مستعد للقاءٍ خجلٍ انه الهوى وان مر سائحا سيغادر ربما بعد حين . وان غادر فستبقى اللهفة الجنونية البريئة النقية التي ستكبر وتتسامى وتورق شوقا ,, لانها وببساطة رات الريح واحست بهجير الامنيات واعلنت فوزها في سباق (الدوزنة)
((دع عصورا من العشق ، ذرها
انها اهترأت بتعرية هوجاء عاصفة
بأمنية تحرق اغصان الزيتون
بتسامق حرف واحد عهدته الحضارة
وليس السوى
حرف ألِفَ اتجاه الريح
واسكب بجنونك مفردة خُتمتْ بوصل
باسل ، فحبك باسل
وعشقك باسل ،عيناك هما الاخريان باسلتان ،
جحيما تنتفضان ، تعريان رغبة ،
ربّاها ذلك الوهج المتدفق صرامة نظرتك
اللاهثة ، حججها نهوض الداء بترياقه ،
جنونك، افهمه
براءة من كل انتماء ، لشفاء
وأبدا لن تشفيك الا هدأة كرى في حضن
مشيئتك الكونية ))
• توقف الزمان هنا عند الشاعرة لان عصور العشق تلاشت وتراءا لنظرها بداية النهاية فاغصان الزيتون ستحرقها الاماني البعيدة , بنت النخيل حميدة تتحدث عن الزيتون فهي بلا شك طائر حر يتنقل بين الحضارات بتمايل الخصر الادبي فالشعر عادة يقع خارج الحدود ويتخطى الاعصاير لانه جابه الحياة , لغة صعبة قوية شديدة وإمكانية شاعرة محترفة متمكنة وكاتبة بارعة تعرف كيف توقفك لتقول لك: الحضارة هي ان تحب والحب هو ان تتحضر والتحضر هو ان تشعر بالحياة وقيمتها ومغزاها فإن كنت عشقت أو لم تعشق كلا الامرين هو واقع حال يجب ان يقبل به من استحق هذه الترنيمة الحضارية الحداثوية المثيرة , البسالة : مفردة رسمتها الشاعرة في عينين لمن هما ؟ الله اعلم فعادة ما يكون للغموض في الشعر طعم خاص هناك حرف الف اتجاه الريح وهنا عينان باسلتان هؤلاء الثلاثة اصدقاء ما جهلنا عنه وهو صرامة نظرة احدهم اللاهثة المجنونة التي عالجتها حميدة العسكري علاجا اراه منطقيا حين فهمته وترجمت الجنون ترجمةً عميقة واكتشفت ان العلاج الناجع هو (هدأة الكرى)
((أيها السابح في ذرى نشاط خلف سكون
دائرة شقاء تَحِيكُ لنفسك ، سأقحمها لأسكن منك
جوع سعير وسألهبك وقدا
يسعّر منك الضلوع ،
سأعيد منك انسكابتك في جنون
لأقولبك في جنون لا شكل له ،
لكنك ريح ، بلحظتك تتفجر انت وحبالك الصوتية
في آآآهة ، تتراآ لي ماءا
يتكاثف ببراعة امتشاقي آلة جنون
تغزو منك جنونك ، ند مكافئ
فائق هو جنوني ، ))
• الجنون الفائق سيمسك بزمام الامور وسيقضي على شقاء الدوائر الحائرة الغاضبة المستعرة , كيف ؟ بلهب آخر من نوع جديد ربما كانت تقصد انه لهب الانوثة الذي سيعيد قولبة هذا الشيء المتمرد الذي ربما كان رجلا , سيتغير شكله أنا اكيد من ذلك ولا أحد يقول كيف ؟ لانها امتشقت وببراعة وشطارة آلة الجنون (جنون الانثى الغاضبة) لوحة سريانية سترسمها حميدة لهذا الشيء حيث ستبدأ بصوته المتعثر وتنتهي بكامل هيئته مرورا بروحه الحائرة بعد ان وجدت نفسها ندا كفؤا له وآمنت بجنونه واحترمته وهنا لعبت لعبة الشاعرة فاستوقفتني وانا اصمت لانفجر بكلمة (الله)
((أما زال الرأس منك منتصبا بشيئ جاهلي
مندحر تجاه لاعج من جذوتي
أما زال يصيح رأسك وقد قُطِّعتْ تلك الحبالُ
بمُدى الخيال ،
فما انت الاّ تيه فوق تيه ، وسآتيه
والان سأغادر جسدك لأسكن دمك
فلاتموت ولاتحيا
وكن صاحب الراية الاول
بتشظيه))
• جاهلي هذا الرجل الذي وقع في دائرة الاشتباك مع الشاعرة ... الله يا شاعرة كم انت بارعة ((منحدر تجاه لاعج من جذوتي ))
لا تعليق ...
• كم هو عنيد هذا الجهل ؟ يقطع راسه بأنامل انثى بهذا المستوى من الرقة وقوة الشخصية خيالها لا مناص من العثور عليه والتعثر به وحين التعثر يقع المحظور ستدخل دماءه بكل كيانها بعد ان صرفت جنون الحياة واللامبالاة ودخلت في معترك من الاسى والنشوة وتفرض قيودها .. طغيان بعد تسلط ربما تراه هي مشروعا لانها هي من صنع هذا الكائن واحسنت تدبيره وتركيبه فامتلكته
• أنا كقاريء بسيط احسست بقوة هذه القصيدة ومدى ابداع هذه الشاعرة ومستوى تحررها من قيود العصور , اعتقد انني لم اعط حميدة حقها في تعليقي المتواضع هذا الا انني لا املك الا ان اقول لها :
• انت شاعرة كبيرة مبدعة تنحني الكثير من القامات الدخانية امام روعة ابداعك وجمال حرفك