هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 قراءة لديوان "ضفاف هاربة!"

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
هيئة التحرير
Admin
هيئة التحرير


عدد المساهمات : 102
تاريخ التسجيل : 27/07/2011
العمر : 48

قراءة لديوان "ضفاف هاربة!" Empty
مُساهمةموضوع: قراءة لديوان "ضفاف هاربة!"   قراءة لديوان "ضفاف هاربة!" Empty24/11/2012, 5:20 pm


القاص عقيل هاشم
الرؤيا تخترق عالم الشاعر الخفي لتنتفي المسافة بين الذات والموضوع
قراءة لديوان "ضفاف هاربة!"
للشاعرعباس ريسان
قراءة/عقيل هاشم
............................................................................
(ضفاف هاربة) هو عنوان المجموعة الشعرية للشاعر عباس ريسان هذا العنوان يحيلنا منذ الوهلة الأولى لاستحضار أفق توقعنا على التساؤل عن طبيعة العلاقة بين ثريا النص كصياغة لغوية ترقى بالتداخل إلى مستوى التفاعل والقارئ كعنصر منفعل يدخل مع النص في حوار مفتوح قد يؤدي إلى خلخلة قناعاته وتغيير أفق توقعه قد تصبح بموجبه دوال فلسفية عن تأويل كيفية هروب الضفاف وكأن الشاعر يريد أن يقول بأن الشعر لازال يؤدي رسالته الجمالية ولكن بطريقة مختلفة وأسلوب جديد يحتم على الجمهور تغيير أفق توقعه والتسلح برؤية ثاقبة لإدراك أسراره الفنتازية.
يؤكد رهان الشاعر على التفاعل مع نصوصه الشعرية التي تستفز من خلال فراغات النص وطريقة تأثيثه بالدلالات، وتحفز القارئ على تفكيك لغة الرمز والإيحاء بطريقة تمكنه من تمثل أبعاد تلك الصور التي تشكل لحمة القصيدة في اتجاه التأليف لتشكيل تأويل متسق تصبح بموجبه القصيدة لوحة تشكيلية متناغمة، راسما مفرداته المحملة بالدلالات بشكل هندسي يوحي إلى منظومة حلزونية تدور حول نفسها.
هذا التقطيع في السطر الشعري و التمنع يماثله التلاعب بالمدول وهذا معناه أن التباين الواضح بين قصيدة يقابله تماثل واضح مستوحاة من نص غير متمنع داخل نص متمنع؟ تتخلص لتحتمل مدلولات أخرى هي ذاتية الشاعر المتشاكلة مع ذات الموضوع؟
بني....
الببغاء طير خارج سربك يعوي
بأصابعك تغير كل خطوط حياتك
كن على بنيك كقوس ولإخوتك جسرا
والتف بجلباب حيائك
لاتفرغ ماعونك من هيبته
ولاتقطع حبلا قد مد إليك
مسد رأس الدمعة بأكمام الأمل الوردي
المزاح إبحار بعكس التيار

إن انتقاء للشاعر للعنونة الفلسفية للتصورات بدقة هو تصور مسبق لفعل الانتقاء قام على مبدأ خرق الحدود الموجودة لإنتاج سيمائي، شكل فعل إبداعيا تحريريا، واستنادا إلى أيزر بتميز الحقول المرجعية عن بعضها البعض ويحولها إلى أنساق مختلفة بشكل واضح، وهذه الأنساق تزال علاقاتها الموجودة، وتمتد عناصرها المختارة إلى نماذج جديدة لأن الحدود بينها تتجاوز، وبالتالي تقاس هذه العناصر بطريقة مختلفة عما كانت ومن هذا المنطلق فإن هذه القصيدة تعد بمثابة تطلع على مأساة ومعانات الشاعر(الذات/الموضوع)
جعله دالا يساهم في إنتاج مدلولاته المحتملة ككل التي يحدثها النص ولا تتعداها إلى مرحلة التأويل ألقسري، في هذه المرحلة يضل القارئ عنصرا منفعلا مأخوذا بسحر النص وفاعل فيه
على جماجم الرحيل
يكثر العويل
ولكي لاينبت الوداع
فوق موائد اللقاء
نهشم اللحظات
بمعول الحنين

وإذا كان الشاعر يكشف "الرؤيا" التي تخترق سطح النص وتغوص في أعماقه للكشف عن بعض أسراره الخفية. هذه الرؤية هي التي تكسب النص حيويته وتجدده المستمر لأنها تفتحه على نطاق الممكن من خلال قناعة مؤداها أن كل قراءة هي مجرد تفاعل مع النص لا تنفي إمكانية تفاعله
وحدك تمشي
وحدك تهذي
وحدك تمشط
أرصفة الحزن
تشهر دمعك بوجه البسمة
قدماك أتعبها السير
وأنت تهرول نحو اللاشيء
بلا جدوى
ثيمة (الموت) هي بنية سوداوية تعني دائما الفقد والاغتراب في بنية أعماق الذات الإنسانية الحساسة وهي ذات الفقد للموضوع (الجمعي) و تختزله من مؤشرات تحيل على الباطن هذه المؤشرات وغيرها وإن كانت توحي برغبة مأساوية تسيطر على القصيدة، فإن هذا لا يعني على إعادة إنتاج المسافة الجمالية بينهما بطابعها الحسي رؤيويا، أي أنه أعاد نسجها وفق علاقات جديدة تسفر عن هموم الذات الشاعر المتقابلة (قمة الحزن /قمة الفرح ) هذا الدفق وغليانه الداخلي وحرارة انفعال بمأساة الإنسانية بشكل عام قد تجاوز مستوى المحسوس لتصل إلى مستوى الرؤيا الناتجة عن تلك المعاناة التي تؤرق الشاعر من خلال تأمله في كينونته والتي هي ذات الوجود بشكل عام.
ربما-ذات يوم
سياتي من يلجم تلكَ الغيمة
ويمزق جلابيب ضياعي
فالشاعر وإن كان يحترق ويتألم ويعاني على الدوام فما ذلك
إنما هو تركيز على النص الشعري بوصفه جسدا يبحث عن التفرد والتميز من خلال مجموعة من الخصائص الفنية التي تغري القارئ وتستفزه وتدعوه لمغازلته لعله يبوح له بشيء من أسراره، لكن النص الشعري الأصيل يمتاز بتمنعه، وهذا التمنع يستدعي من القارئ تطوير أساليب مراودته ليجد نفسه في الأخير أمام مفارقة بين الذات الشاعرة والذات المدركة بمعنى التماثل في إدراك مدلول النص بالمعنى الذي يختزله مفهوم "المقصدية"، ولكنه يعبر عن رغبة الشاعر في تجاوز القارئ لمستوى الرؤية وامتلاكه لرؤيا تمكنه من "الاشتغال تأويليا على غرار الاشتغال التوليدي والنحوي للجملة الشعرية
لان وجهك دجلة
وكفيك فرات
لان قلبك قبلة
ونحن شتات
ولان الراحلين
إلى اللانرى
عراة
ولان الحياة مريضة
والمنايا فريضة
والدنا-مازالت-
سبات
ولأن الشاعر يواجه الأشياء في العالم بشكل مباشر ويعيد تشكيلها بطريقة تبث فيها الحيوية والنشاط من خلال نسيج لغوي متفرد ينزع الألفة عنها ويفتحها على نطاق الممكن،من خلال اللغة أي من خلال طريقة تفكيك وتأويل متسق للقصيدة ناتج عن إدراكه الخاص لتلك الرؤيا التي تحكمت في بنائها واستوائها.
وبهذا المعنى فإن التماثل بين رؤية الشاعر ورؤية القارئ هو في الواقع تماثل في المعاناة وكأن الشاعر يريد للقارئ أن يعاني بدوره أثناء تأويله للقصيدة مثلما عانى الشاعر في ارتياد عوالمه، وتنضيد الكلمات والجمل لتأليف صور تعبر عن رؤيته الخاصة للعالم، إنه يريد للقارئ أن يجول في فضاء اللغة الفسيح وينقب في ذاكرة الكلمات عن معان منسية تمكنه من ملء فجوات النص وإدراك العلاقات الخفية بين الإشارات والرموز لاستخلاص معنى من المعاني المحتملة

لطالما فكرت
بان هذا الكون
مرده لشيء
لكنني لا استطيع
تحديد كنههِ
لا استطيع
وقد تبين لنا أن الشاعر يعمد إلى إلغاء المسافات بين المتناقضات ويؤلف بينها في بنية تركيبية تتجاوز الظاهرة وتغوص في أعماق الذات الإنسانية بشكل يصبح معه التدمير لونا من الولادة الجديدة للحياة، ولادة ناتجة عن إدراك خاص للوجود يستوقف القارئ ويحتم عليه النبش في ذاكرة الكلمات واستعمالاتها المنسية للبحث عن علاقات خفية تمكنه من الرسو على معنى من المعاني المحتملة للنص الشعري.
ففعالية الشعر وقدرته على تحرير جمهوره وتخليصه من روتين المألوف..واعترافه بوجود شيء مسكوت عنه بينهما يخلخل بنية توقعات القارئ الذي انتهى فيما سبق إلى ارتباط( الليل بالشر والشعر بالخير)، بيد أن تخصيص الليل بصفة المراثي يجعلنا نميز بين الاستعمال المطلق "الليل" والاستعمال المقيد "ليل المراثي". وتقييد الليل بغرض من أغراض الشعر العربي القديم "الرثاء" يخرجه من حقل الخطايا إلى حقل الفضائل مادام الرثاء مرتبطا بتعداد المحاسن. واختيار الرثاء دون غيره من الأغراض صفة لليل ينسجم والرؤية المأساوية المهيمنة على القصيدة.
صوتي:
لماذا يلثمنا الليل ويركلنا الصبح
لماذا يحدودب ظهر البسمة
في ماعون شفاهي
إضافة إلى ذلك، فإن ورود "الليل" في هذا المقطع بشكل لافت يقربنا من ذلك الشيء الرهيب المسكوت عنه بين الشاعر وليل المراثي: آية ذلك أن الليل من منظور التحليل النفسي فضاء تستغل فيه المكبوتات غياب الرقابة لتطفو على السطح وتعلن عن نفسها على شكل صور خاطفة ما دام الشعر بدوره أحد متنفسات اللاشعور فإن ذلك يوطد صلته لدرجة أصبحت معها المراثي أهم روافده، وهو ما قد يسوغ ورود
ومادام الليل يتوج بفجر تحل فيه ابتسامة الضوء محل كآبة الليل وغياهبه...
فإن الشعر بحمله مشعل التطهير والتحرير و دفاعه عن القضايا الإنسانية الكبرى يؤكد حرصه على شفاء المدن الآثمة من خطاياها وإحلال فجر بهيج يسود فيه نور المحبة والعدالة محل ظلام الحقد والظلم.
فالشاعر بإنتاجه لنص شعري يكون بذلك قد بدأ مسارا يتكفل القارئ بإتمامه في منعرجات وتشعبات شتى،وبهذا المعنى فإن انفتاح الشعر على الممكن يكسبه حيوية حيث يتجدد على الدوام بتجدد أفق توقع قرائه.
إن أول شيء تثيره هذه الأسئلة والأجوبة هو أن رؤية الشاعر للوجود رؤية متميزة لأنه يغوص في أعماق تلك الأشياء التي يعتبرها الإدراك العادي هامشية، فلا شيء هامشي في عالم الشعر لأن ما نحسبه هامشا يبرهن الشاعر على أنه يحمل بدوره معاني تنبض بالحياة ولا تقل أهمية عن تلك التي يوحي بها ما نعده مركزيا. إن الإدراك العادي أو الرؤية الحسية لا يمكنها أن تجد مسوغا لإسناد بيد أن الرؤيا التحليلية يمكنها أن تقود القارئ إلى نسج علاقات خفية تمكنه من تمثل تلك الصورة الخارقة التي تجمع في آن واحد بين النعيم...
وقفتَ
فعرفتَ
انك ستكون
فكنتَ
واشتهيتَ
كيف يكون طعم الموت
فمتَ
ولاذت بجنبيك المنايا


إن التأمل في هذه الصورة الخيالية التي حاولنا لم شتاتها يضعنا في صلب قضية إنسانية كبرى مؤداها أن من يستنزف الآخرين لينعم قد يحمل في صلبه أسباب شقائه.
إن هذه الصور التي استوقفنا تشابكها وانتهاكها للحدود والمسافات بين المتناقضات تؤكد انتماء الكتابة الشعرية لمستوى من الإدراك الشعري الرؤيوي. هذا هو عالم الشاعر الخفي وهذا هو مقام إدراكه للأشياء، إنه مقام تنتفي فيه المسافة بين الذات والموضوع، لأن الشاعر يغوص في أعماق الذات الإنسانية ليصل إلى منطقة الحلم حيث يعيش حالة إشرافية يتحد فيها مع العالم الخارجي ويحلق في عالم من الإشارات والصور المتنافرة في ظاهرها والمنسجمة في عمقها.
مات دون علمه
ليلا
فحين جاء الصباح
لملم كل أوجاعه
والذكريات
ومضى......
يقرا على نفسه
ما مرَّ به البارحة
وأخير الا يمكن للقارئ أن يدرك أسرار هذا العالم المتشابك إلا إذا تخلص من الرؤية المنطقية وتسلح برؤية كشفية تجول به في دهاليز النص وتتركه يبحث معنى منفلت لعله ينتهي إلى بناء تأويل ومنفتح على تأويلات ممكنة لقراءات متعددة لايريد الشاعر كشفها فهي ذاته.


قراءة لديوان "ضفاف هاربة!" Photo.php?fbid=134262200056185&set=a.107994076016331.18356
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://maroosi.own0.com
 
قراءة لديوان "ضفاف هاربة!"
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» هذا ما حدث بالضبط " قراءة في قصة قصيرة للكاتب قيصر اللامي "
» حذر وامتشاق لآلة ما .. قراءة في قصيدة الشاعرة حميدة العسكري (معطف جنون قدريٌّ)

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
 :: الاقسام الادبية :: منتدى النقد والدراسات-
انتقل الى: