بعد 39 عاما من حكم القذافي ..
الرئيس الليبي معمر القذافي
ليبيا تشهد إعلان " أول دستور "
طرابلس : بعد مداولات ساخنة استمرت عدة شهور ، وجلسات نقاش طويلة، شارك فيها مسئولون كتاب ومثقفون وأكاديميون وشرعيون فيما عرفوا بلجنة الدستور، كشف النقاب في ليبيا عن مسودة ما يعرف بـ " الميثاق الوطني للدولة الليبية " .
وقد أعلن عن هذا الميثاق رسميا في الصحف التابعة لشركة الغد والمواقع الإلكترونية في الداخل المحسوبة على ابن العقيد معمر القذافي سيف الإسلام، الذي تحدث عن الدستور، بشكل صريح، وبخطوطه الحمراء، في أغسطس الماضي.
ورافق الإعلان حملة إعلامية كبيرة ، تهدف إلى الحوار حول "مسودة الدستور"، ، ولا يعرف ما إذا كانت الصحف الرسمية التي تسيطر عليها حركة اللجان الثورية بشكل واسع، ستقوم بنشر المسودة، أم أنها سوف تتجاهلها بالكامل.
وذكرت مصادر مطلعة حسبما جاء بجريدة " ليبيا اليوم " أن من بين الشخصيات التي شاركت، في جلسات الحوار حول الدستور، وفي كتابة مسودته المنشورة: الدكتور محمد زاهي المغيربي، الدكتور محمود جبريل، الدكتور يوسف صوان، الدكتور علي الصلابي، والدكتورة آمال العبيدي، والدكتور إبراهيم خزام، كما شارك قانونيون وأكاديميون غربيون في بعض جلساته، وأن تلك الجلسات تمت برعاية مباشرة من سيف الإسلام القذافي، ودعمه.
وتقول مصادر مقربة من سيف الإسلام :" إن هدف الحملة الإعلامية التي أطلقتها الأذرع المحسوبة عليه، ومنها إطلاق "المنابر السياسية"، هو إنضاج الحوار بين كافة فئات المجتمع الليبي حول مسودة الدستور، وجمع أكبر الانتقادات والملاحظات عليه، وكذلك جمع أكبر عدد من المؤيدين والموافقين، ومن ثم الدفع بنسخته النهائية إلى جلسات المؤتمرات الشعبية لتقول كلمتها النهائية، والإعلان عنه رسميا في الفاتح القادم، أو "عيد سلطة الشعب" "
وعرفت المادة (5) من المسودة، الميثاق الوطني (الدستور) بأنه "هو المرجعية القانونية العليا، التي تبني عليها التشريعات ويعد باطلاً كل قانون يخالف أحكامه".
ديباجة و165 مادة
كما يتكون الميثاق (الدستور)، من ديباجة، و165 مادة أساسية، موزعة على ثمانية فصول، يلاحظ أن المشرع حاول توزيعها وفقا لنظام "السلطات الثلاث: التشريعية والتنفيذية والقضائية" وما تفرع منها، وهي تقسيمات غير معترف بها في ليبيا، وفقا للنظام الجماهيري المتبع، أوما يعرف بـ "سلطة الشعب".
وتؤكد ديباجة الدستور على أن "مجتمع الليبيين.. مجتمع الحرية، والمساواة، وحكم القانون، والإبداع، والتألق، يتمتع فيه الجميع، دون أي تمييز، بحق الحياة، والحرية، والأمن، والطمأنينة"، كما تعلن تمسك المجتمع الليبي "بالدين الإسلامي الحنيف.. ونبذ العدوان، والحرب، والاستغلال، والعبودية، والإرهاب"، وتشدد على "قيم العدالة، والتساوي أمام القانون".
السلطة والموارد بيد الشعب
كما تشدد الديباجة، على أن "السلطة والموارد الطبيعية بيد الشعب"، وأن "سيادة الدولة لا تقبل التجزئة، أو التفويض، أو التنازل"، وترفض "العنف أداة لفرض الأفكار".. و"تبنى الحوار الديموقراطي أسلوباً للتعايش، وبديلاً عن كافة أدوات القهر، والتسلط، والظلم"، "وترسيخ سلطة الشعب، ومفهوم الديموقراطية المباشرة".
كما تؤكد المادة (1) من الفصل الأول: (أحكام عامة)، على أن "الجماهيرية العربية الليبية دولة مستقلة ذات سيادة وهي جزء من الوطن العربي والقارة الإفريقية، ولا يجوز التنازل عن سيادة الدولة أو أي جزء من ترابها الوطني. ويحدد بقانون شعار الدولة ونشيدها ورايتها الوطنية".
الاسلام دين الدولة
أما المادة (2)، فتنص على أن "القرآن الكريم شريعة المجتمع والإسلام دين الدولة"، وأن "اللـغة العربيـة هـي اللـغة الرسمـية للدولـة"،. أما نوعية نظام الحكم، فقد حددتها المادة (3): "نظام الحكم في ليبيا جماهيري، السيادة فيه للشعب، ويحظر تعطيل سلطة الشعب".
وبحسب محللين، فإنه من أشد المواد صراحة في أن شكل الحكم في ليبيا قد يتغير، المادة (4)، التي تنص على أن "معمر القذافي هو القائد التاريخي لثورة الفاتح العظيم ومؤسس النظام الجماهيري. يعتز الليبيون بهذا الدور التاريخي الذي لا يتكرر للقائد معمر القذافي ومساهمته في حماية سلطة الشعب"، في إشارة واضحة إلى أن منصب "قائد الثورة"، الذي لن يتكرر، سوف يدفع القيادة السياسة الجديدة في حال وفاة العقيد القذافي، إلى اتباع شكل من أشكال الزعامة المتبعة والمتعارف عليها رسميا في العالم، وإلغاء صلاحيات منصب "قائد الثورة" الاستثنائية نهائيا.
أما الفصل الثاني: (الحقوق والحريات العامة)، فقد تضمن المواد من (
إلى (36)، وهي مواد، نصت في مجملها على منح المواطنين الحريات العامة بشكل واسع، كما ألغت كل المحاكم والإجراءات الاستثنائية التي لا تزال تطبق حاليا، تقول المادة (
: "المواطنون أحرار متساوون في الحقوق والواجبات الأساسية، وتقع باطلة كل الإجراءات والتدابير المنافية لهذه الحقوق. ولكل مواطن الحق في ممارسة كل حقوقه، بما فيها حقوقه السياسية، دون قيد أو شرط، وعلى الوجه الذي ينظمه القانون".
المساواة أمام القانون
وتحرم مسودة الدستور الجديد، أي تمييز تمارسه السلطات سواء بسبب الدين أو المذهب او الجنس أو العرق (العنصر)، مؤكدة كما جاء في المادة (9) على أن "المواطنين متساوين أمام القانون".
أما فيما يتعلق بشكل الحكم وطريقته، فنص الدستور على أن "سلطة الشعب"، تنظم وفق مستويين محلي: "المؤتمرات الشعبية الأساسية" و"الشعبيات"، ومستوى وطني يتكون "هيئة تشريعـية، تتكون من مجلسين: "مؤتمر الشعب العام ومجلس القيادة الاجتماعية".